بين الغيرة والطمع.. دوافع نفسية لـ سفاح المعمورة في ارتكاب جرائمه

المتهم المعروف بسفاح المعمورة (2)
كتب - محمد عماد
شهدت محافظة الإسكندرية في عام 2023 سلسلة من الجرائم التي هزت المجتمع المصري، حيث عُرفت بقضية "سفاح المعمورة"، الذي ارتكب جريمة قتل مروعة طالت عدة ضحايا، وأثارت موجة من الذعر والدهشة.
فالرجل المتهم، الذي يعمل محاميًا، استطاع إخفاء جرائمه لفترة طويلة باستخدام طرق معقدة للتخلص من ضحاياه، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول دوافعه وتحليله النفسي.
تفاصيل الجريمة: سفاح المعمورة يُصدم المجتمع
في بداية عام 2023، ارتكب المتهم "ن.م" جريمة قتل زوجته عرفيًا، التي كانت تُدعى "أ.ح"، حيث دفعته الخلافات الزوجية المستمرة لإنهاء حياتها بطريقة بشعة، والتي ضربها على رأسها حتى سقطت مغشيًا عليها، ثم قام بتخزين جثتها في أكياس محكمة الإغلاق داخل شقة استأجرها خصيصًا في الطابق الأرضي بمنطقة المعمورة.
لم يتوقف المجرم عند هذه الجريمة، حيث ارتكب جريمة ثانية في وقت لاحق بحق موكلته "هـ.ع"، وهي ربة منزل، بعد أن تطورت الخلافات المالية بينهما وعقب تخلصه منها، سرق ممتلكاتها الشخصية ودفن جثتها في حفرة حفرتها بنفسه في نفس الشقة.
ثم أضاف إلى سجله جريمة ثالثة شملت رجلًا مجهول الهوية، حيث أقدم على قتل هذا الرجل ووضعه في شقة أخرى بنفس الطريقة، مستخدمًا مواد بناء لتغطية رائحة الجثة.
التحليل النفسي: دوافع الجرائم من منظور علمي
حول هذه الجرائم المروعة، قدم الدكتور حسام الوسيمي، أستاذ علم النفس المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، تحليلاً نفسيًا مفصلًا حول دوافع سفاح المعمورة، مشيرًا إلى أن المتهم ربما يعاني من اضطراب نفسي عميق.
وقال الوسيمي: "هذه الجرائم لا يمكن أن تفسر فقط بمشاعر الغضب أو الدوافع اللحظية، فمن الواضح أن المتهم يعاني من نوع من الانفصال عن الواقع، وربما يكون لديه تاريخ نفسي لم يظهر بعد، فقتل الضحايا ليس مجرد رد فعل على مشكلات حياتية، بل هو سلوك متسلسل يظهر تكرارًا لعملية القتل والتخلص من الأدلة بشكل منظم"
هل كان القاتل متزنًا عقليًا؟
وفيما يتعلق بالتحليل العقلي، أكد الوسيمي أن المتهم قد يكون قد مر بتجارب سابقة، أثرت بشكل كبير على تطور شخصيته، "الضغوط النفسية الناتجة عن مشاعر الغيرة أو الطمع المالي قد تلعب دورًا في بعض الحالات، لكن السلوك الذي يظهره هذا الشخص يشير إلى اضطراب نفسي قد يتضمن السادية أو ربما التهرب من المسئولية والتخلص من الضحايا بسبب عجزه عن مواجهة مشاعره".
وأضاف الوسيمي، أن الافتقار إلى الضمير أو الإحساس بالذنب قد يكون مؤشرًا آخر على اضطراب الشخصية، مشيرًا إلى أن الجرائم التي ارتكبها المتهم تتسم بالتخطيط المسبق والقدرة على السيطرة على مشاعره، وهو ما يرفع من خطورة الحالة النفسية لهذا الشخص.
محامي المتهم يصر على الإنكار
أثار محامي الدفاع عن المتهم الجدل عندما أشار إلى أن موكله اعترف بارتكاب الجريمتين الأولى والثانية، لكنه ينكر تمامًا الجريمة الثالثة المتعلقة بمقتل المهندس محمد إبراهيم، وقدم المحامي تبريرًا للجريمة الأولى بأنها كانت نتيجة "غيرة شديدة" من زوجته، بينما أكد أن الجريمة الثانية كانت بسبب خلاف مالي مع موكلته.
"إنها جرائم معزولة عن بعضها البعض"، يقول المحامي، مشيرًا إلى أن المتهم لم يكن يعاني من اضطرابات نفسية واضحة، وإنه كان يظهر استقرارًا عقليًا في تعاملاته اليومية.
ومع تقدم التحقيقات، بدأت الأدلة تتراكم ضد المتهم، حيث تم اكتشاف أن هناك علامات تشير إلى أن الجريمة الثالثة كانت مخططًا لها بعناية، مما يثير تساؤلات أكبر حول شخصية المتهم.
أبعاد القضية: هل هناك ضحايا آخرون؟
ومع تقدم التحقيقات، ظهر احتمال وجود ضحايا آخرين لم يتم العثور عليهم بعد، وفقًا لما ذكره المحامي، فقد تكون هناك جرائم غير مكتشفة حتى الآن، وهو ما يزيد من تعقيد القضية ويثير قلق المجتمع حول إمكانية وجود مزيد من الضحايا الذين لم يتم العثور عليهم بعد.
وبينما تكشف التحقيقات عن تفاصيل مروعة، تبقى أسئلة عديدة مفتوحة حول الاضطرابات النفسية التي قد تكون وراء هذه الجرائم. هل كانت الدوافع مجرد مشاكل شخصية، أم أن هناك عوامل نفسية أخرى تفسر السلوك الوحشي لهذا المحامي؟
غموض الدوافع ومخاوف المجتمع
لا تزال الأسئلة مفتوحة حول دوافع هذا المجرم المثير للدهشة، وبينما يصر المحامي على أن المتهم كان يبدو مستقرًا عقليًا، تشير التحقيقات إلى وجود اضطرابات نفسية عميقة قد تكون وراء هذه الجرائم المروعة، وفيما تتوالى الأحداث، يظل المجتمع في حالة من الذهول، وينتظر بفارغ الصبر معرفة المزيد عن هذا "سفاح المعمورة" الذي هز أركان مدينة الإسكندرية.
فيديو قد يعجبك: