اضطرابات نفسية تؤدي للانتحار.. عليك بزيارة الطبيب فورا
كتبت- أميرة عبد الرازق:
الانتحار فكرة تنتشر بسرعة في السنوات الأخيرة خصوصا بين الشباب، ومن لا يجرؤ منهم على التنفيذ، لا يكف عن الإفصاح عن رغبته على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ما دفع موقع «الكونسلتو» لطرح سؤال.. هل هناك اضطرابات نفسية وراء التفكير في الانتحار؟ وهل توجد علامات تقول أن هذا الشخص يجب أن يزور الطبيب النفسي فورا ليحصل على المساعدة قبل فوات الأوان؟
الاستشاري وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسي، الدكتور توفيق نروز، أوضح في حديثه لـ«الكونسلتو» الاضطرابات والعوامل النفسية التي تؤدي للانتحار وهي:
اضطرابات نفسية وراء الأفكار الانتحارية
-
الاكتئاب الحاد
الاكتئاب هو المرض النفسي الأكثر شهرة، والذي يُدخل المصاب في حالة من اليأس والشعور بعدم الجدوى.
الانتحار هو الخطوة الأخيرة في أعراض الاكتئاب الحاد، الذي يجعل المريض يرغب في الانسحاب من الحياة بجميع مظاهرها؛ فيميل للانعزال عن الناس، وتتأثر أنشطة حياته اليومية فلا يستطيع العمل، ويهمل مظهره ونظافته الشخصية، كما تنخفض مستويات الطاقة لديه، ويصبح غير قادرا على بذل المجهود.
-
اضطراب الشخصية الحدية
ستحتار كثيرا في فهم الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية؛ فقد سُميت بهذا الاسم بسبب أنها تتقلب على الحدود بين الأبيض والأسود دون أي تدرج في التفكير والمشاعر؛ فالمريض ينقلب فجأة بين الغضب العنيف والهدوء، أو الحب الشديد لشخص ما والكره الشديد لنفس الشخص، أو بين تقدير النفس والشعور بالدونية.
سمة مهمة أخرى تميز المصابين باضطراب الشخصية الحدية، وهي إيذاء النفس من خلال جرح الجسد بآلة حادة أو العض أو الحرق أو ضرب الرأس بعنف.
-
الاضطراب ثنائي القطب
بالنسبة لغير المتخصصين فسيختلط الأمر عليهم عند التفريق بين المصابين بالشخصية الحدية والاضطراب ثنائي القطب.
ففي الاضطراب ثنائي القطب يتأرجح المصاب بين نوبات الاكتئاب الشديدة، وبين نوبات الهوس، وهي حالة مرضية من الابتهاج الشديد الذي يصل بالمريض إلى حد الشعور بالعظمة والمبالغة في تقدير الذات.
فالاضطربان يتشابهان في تأرجح المشاعر، لكن في «ثنائي القطب» تستمر النوبة الواحدة لمدة أسبوع على الأقل، بينما في الشخصية الحدية قد يتقلب «مزاج» المريض في اليوم الواحد عدة مرات، كما أنه لا يُصاب بنوبات الهوس.
- اضطرابات القلق
المصاب باضطرابات القلق سيشعر أن الأفكار عبارة عن وحش يطارده دون توقف؛ فهو دائما يشعر بالقلق والخوف المبالغ فيه دون سبب واضح، أو لأسباب لا تستدعي كل هذا القلق، مثل الخوف من المستقبل أو الخوف من الموت، ويتوقع دائما أن الأسوأ سيحدث، وتراوده الأفكار الانتحارية كرغبة في التخلص من كل هذا.
اضطرابات القلق تصاحبها أعراض أخرى جسدية، مثل سرعة ضربات القلب أو صعوبة التنفس أو توتر العضلات أو الصداع أو اضطرابات الجهاز الهضمي.
-
الإدمان
يعتقد الناس أن الإدمان مجرد حالة شديدة من التعود أو الاعتمادية، ولكن الحقيقة أن الإدمان يُصنف كمرض نفسي، بعد أن وجدت الدراسات مراكز في المخ مسئولة عن الإصابة بالإدمان أو هذه الحالة من الاعتمادية الشديدة، وفقا للجمعية الأمريكية للطب النفسي.
والدليل على ذلك أن علاج الإدمان يعتمد أساسا على العلاج النفسي، وتغيير سلوكيات المريض وأفكاره؛ فلو توقف المُدمن عن تعاطي المخدرات دون الاستمرار في العلاج النفسي، ستحدث له انتكاسة حتمًا.
-
الفُصام أو الشيزوفرينيا
قد تكون سمعت عن مرض الفُصام أو «الشيزوفرينيا» من قبل، فهو مرض عقلي لا يستطيع المصاب فيه التمييز بين الواقع والخيال.
أفكار المريض بالفصام غريبة وغير واقعية بالمرة، فهو تراوده هلاوس سمعية وبصرية، مثل أن يشعر أنه مطارد أو مراقب من قبل مجموعة من الفضائيين.
كما أنه يصاب بالتبلد العاطفي وعدم القدرة على التفاعل مع الأحداث حوله مثل المصائب أو الأفراح، ويفقد الإرادة حتى تجاه الأعمال الروتينية مثل الاستحمام.
أسباب غير مرضية تؤدي للانتحار
لا يجب أن يكون الشخص مريضا نفسيا حتى يفكر في الانتحار، فهناك عوامل أخرى يوجزها استشاري الطب النفسي في:
- التعرض لصدمة نفسية شديدة.
- الصدمات العاطفية وخصوصا عند المراهقين.
- ضغوط الحياة اليومية مثل الضائقة المالية.
- أسباب وراثية، فالقابلية للأمراض النفسية أو الأفكار الانتحارية تنتقل بالجينات، كأن يكون في أفراد العائلة شخص قد فكر في الانتحار أو انتحر فعلا.
- عدوى المشاعر؛ فزيادة حالات الانتحار أو تحدث البعض عن رغبتهم في الانتحار على مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر على سلوكيات الآخرين ونظرتهم للحياة.
علاج الأفكار الانتحارية
إذا راودتك الأفكار الانتحارية أو شعرت أن حالتك تتشابه مع أحد الاضطرابات النفسية السابقة، فيجب زيارة الطبيب النفسي؛ فمعظم الحالات التي تهدد بالانتحار، تُنفذ فعلا إذا لم تتلقَ العلاج المناسب، كما يؤكد «نروز» في حديثه لـ«الكنسولتو».
علاج الأفكار الانتحارية يعتمد أساسا على تحديد السبب أو المرض الذي أدى إليها، وغالبا ما يتنوع العلاج بين الدوائي والنفسي، بحسب حالة المريض.
وأشهر أنواع العلاج النفسي للأفكار الانتحارية هو العلاج المعرفي السلوكي، الذي يعتمد على تغيير أفكار المريض وسلوكياته تجاه المشاكل التي أدت إلى الاضطرابات النفسية أو الأفكار الانتحارية، سواء أكانت صدمات نفسية أو فشل لعلاقات عاطفية، أو غيرها.
خطوات تساعد في العلاج
جزء كبير من العلاج يعتمد على الشخص نفسه، ولذلك ينصح استشاري الطب النفسي ببعض الخطوات التي تساعد على التخلص من الأفكار الانتحارية أو الوقاية منها مثل:
- الاندماج في المجتمع
الأشخاص الذين تراودهم الأفكار الانتحارية يجب ألا يستجيبوا لرغبتهم في الانعزال عن المجتمع؛ فالاندماج مع الآخرين أو في العمل هو جزء أساسي من العلاج مع الانتظام في زيارة الطبيب.
«لا ننصح بعزل المريض في المصحة النفسية، إلا إذا كان خطرا على نفسه أو الآخرين، كأن يحاول الانتحار بالفعل ويتم إنقاذه».. يتابع «نروز» حديثه لـ«الكونسلتو».
- الحصول على الدعم النفسي
في حالات معينة يساعد الدعم النفسي من الأصدقاء والعائلة على علاج بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب الخفيف.
- الاهتمام بالروحانيات
على اختلاف الأديان، فالاهتمام بالجانب الروحاني، يُعد وقاية من الإقدام على خطوة الانتحار.. «أحيانا يأتي المريض للعيادة ويقول أفكر في الانتحار ولكن أخاف بسبب الحُرمانية».. هكذا يختم استشاري الطب النفسي حديثه لـ«الكونسلتو».
فيديو قد يعجبك: