لقاح روسي جديد لعلاج السرطان.. ثورة علمية أم آمال وهمية؟
كتب - محمد عماد
تستعد روسيا لإطلاق علاج ثوري جديد ضد السرطان مطلع يناير 2025، ويعتمد هذا العلاج على لقاح تم تطويره خصيصًا لعلاج الورم الميلانيني وبعض أنواع السرطان الأخرى، مثل سرطان الرئة والكلى والبنكرياس.
ووفقًا للتصريحات الرسمية، أُثبتت فعالية اللقاح في التجارب قبل السريرية، ما دفع العديد من الجهات إلى اعتباره خطوة متقدمة في علاج الأورام السرطانية، ومع ذلك، يرى خبراء ضرورة التريث حتى اكتمال التجارب السريرية.
كيف يعمل اللقاح؟
بحسب ألكسندر جينسبورج، مدير مركز "جاماليا" الروسي لبحوث الأوبئة، فإن اللقاح يعتمد على تقنية فردية يتم تصميمها لكل مريض على حدة، باستخدام الذكاء الاصطناعي، وفقًا لتصريحاته على قناة RT.
ويحلل هذا النظام الورم، ويستخرج بيانات جينية خاصة به، ثم تصنيع اللقاح خلال أسبوع واحد فقط، ويعمل اللقاح على تدريب جهاز المناعة لدى المريض للتعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها، ما يمنع انتشار النقائل السرطانية (الخلايا السرطانية المنتقلة إلى أجزاء أخرى من الجسم).
اقرأ أيضًا.. هل الشيح يقضي على الخلايا السرطانية؟
في المرحلة الأولى، يركز اللقاح على علاج سرطان الجلد، حيث أشارت التجارب قبل السريرية إلى قدرته على قمع نمو الورم وتدمير النقائل، وبحسب جينسبورج، يجري العمل حاليًا على تطوير دراسات تستهدف أنواعًا أخرى من السرطان.
مزايا العلاج المبتكر
يتميز هذا اللقاح بتقنيته القائمة على تحليل الحمض النووي والحمض النووي الريبي (RNA) للخلايا السرطانية، مما يتيح تخصيص العلاج بدقة؛ عوضًا عن الأساليب التقليدية مثل العلاج الكيميائي الذي يدمر الخلايا السليمة إلى جانب السرطانية، يقوم اللقاح بتحفيز المناعة بشكل موجه ودقيق، كما أن دوره لا يقتصر على إزالة الورم، بل يشمل أيضًا منع تكرار الإصابة أو انتشار المرض.
يشارك في تطوير اللقاح مجموعة من مراكز الأبحاث الروسية، أبرزها "جاماليا"، "هرتسن"، و"بلوخين"، بالتعاون مع مختبرات تقنية متخصصة.
آراء علمية: بين التفاؤل والحذر
يرى الدكتور محمد العزب، استشاري الأورام ومنسق لجنة سرطان عنق الرحم بالمبادرة الرئاسية لاكتشاف وعلاج الأورام السرطانية، أن العلاج يمثل تطورًا نوعيًا في استخدام التكنولوجيا الحديثة لعلاج السرطان، لكنه يطرح بعض التساؤلات العلمية المهمة.
ويشير العزب في تصريحات خاصة لـ"الكونسلتو"، إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم لقاحات فردية هو خطوة مبتكرة، ولكن هناك تحديات مرتبطة بتكلفة العلاج وإمكانية تعميمه على نطاق واسع، متسائلاً: "هل يمكن لدول محدودة الموارد الاستفادة من هذا اللقاح؟ وكيف ستُدار عملية تصنيع اللقاحات المخصصة لكل مريض؟".
وشدد على ضرورة التأكد من النتائج السريرية طويلة المدى. "حتى الآن، لا توجد بيانات منشورة تؤكد سلامة وفعالية هذا اللقاح في التجارب البشرية، فنجاح التجارب ما قبل السريرية لا يعني بالضرورة أن العلاج سيكون بنفس الفعالية على مرضى من خلفيات جينية مختلفة أو في مراحل متقدمة من المرض".
تحديات وتوقعات المستقبل
رغم الإشادات بالتطور التقني الذي يتيحه اللقاح الروسي، فإن تطبيقه العملي يواجه تحديات عديدة، وتعتمد التقنية بشكل أساسي على قواعد بيانات دقيقة وكبيرة الحجم لتحليل الجينات، وهو ما قد يتطلب وقتًا وجهودًا إضافية لتطويرها بشكل كامل.
علاوة على ذلك، فإن تصنيع لقاح فردي لكل مريض يمثل عبئًا ماديًا وتقنيًا كبيرًا، ما يثير تساؤلات حول إمكانية توفيره بأسعار معقولة.
قد يهمك.. اختبار تحليل البول.. ثورة في الكشف المبكر عن السرطان
خطوة واعدة لكنها ليست نهاية الطريق
ويفتح اللقاح الروسي أبواب الأمل أمام ملايين المرضى حول العالم، يجب التعامل مع هذا الابتكار بحذر، فالنتائج الإيجابية المبدئية بحاجة إلى إثبات علمي على نطاق واسع لضمان سلامة المرضى وفعالية العلاج.
ومع استمرار التجارب السريرية، قد يحمل يناير 2025 نقطة تحول في مكافحة السرطان، لكنه يظل بداية لطريق طويل من البحث العلمي والتطوير.
فيديو قد يعجبك: