دراسة حديثة: الفطر قد يكون درعًا طبيعيًا ضد الإنفلونزا

عيش الغراب
كتب - محمد عماد
تواجه الولايات المتحدة موسمًا صعبًا من الإنفلونزا، حيث تسببت موجة العدوى الرباعية، التي تشمل كوفيد-19 والإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي (RSV) والنوروفيروس، في ارتفاع حاد في أعداد المرضى، مما شكل ضغطًا غير مسبوق على النظام الصحي.
ومع استمرار انتشار الإنفلونزا، يبحث الباحثون عن وسائل جديدة لتعزيز المناعة الطبيعية، وقد تكون التغذية عاملاً أساسيًا في ذلك.
أشارت دراسة حديثة إلى أن تناول عيش الغراب قد يكون له دور فعال في تقليل خطر الإصابة بالإنفلونزا، بفضل مركب طبيعي يُعرف باسم "بيتا-جلوكان"، وهو نوع من الألياف الذائبة التي تعزز الجهاز المناعي وتقلل الالتهابات الرئوية، وفقًا لموقع "Times of india".
محاربة الفيروسات
لطالما اشتهر عيش الغراب بفوائده الصحية العديدة، من تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان إلى تحسين وظائف الدماغ وصحة القلب، كما أظهرت دراسات سابقة أنه قد يساعد في تقليل معدلات الاكتئاب.
اقرأ أيضًا.. 7 طرق صحية لزيادة معدل الحرق فى جسمك
أما الدراسة الجديدة، التي أجراها باحثون من جامعة "ماكجيل" في كندا ونشرت في مجلة Nature Immunology، فقد كشفت أن عيش الغراب يمتلك قدرة مذهلة على الحماية من الإنفلونزا.
وتوضح الدراسة أن بيتا-جلوكان الموجود في جميع أنواع عيش الغراب يعمل كحاجز وقائي ضد الفيروسات، حيث يعزز قدرة الجهاز المناعي على مقاومة العدوى، كما يقلل من التهابات الرئة، مما يقلل من خطورة المرض عند الإصابة.
تحسن وظائف الرئة
أجرى الباحثون تجارب على الفئران لمعرفة تأثير بيتا-جلوكان في مقاومة الإنفلونزا، وأظهرت النتائج أن الفئران التي حصلت على هذه الألياف شهدت تحسنًا ملحوظًا في وظائف الرئة وانخفاضًا في معدل الوفيات الناتجة عن العدوى.
ويأمل العلماء في إجراء تجارب سريرية على البشر قريبًا لتأكيد هذه النتائج، حيث يقول الدكتور "مازيار ديفانجاهي"، عالم المناعة بجامعة "ماكجيل":
"بيتا-جلوكان يوجد في جدران جميع أنواع الفطريات، بما في ذلك الفطريات التي تعيش داخل أجسامنا كجزء من الميكروبيوم البشري. ومن المثير التفكير في أن مستويات هذا المركب في الجسم قد تؤثر على استجابة جهاز المناعة للعدوى".
كيف يساعد بيتا-جلوكان في الوقاية من الإنفلونزا؟
يُعرف بيتا-جلوكان بفوائده الصحية المتعددة، حيث يوصي به الأطباء وخبراء التغذية لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، فهو يساعد في منع امتصاص الكوليسترول في الجسم، ويحفز الجهاز المناعي على إنتاج مواد كيميائية تحارب العدوى. وقد اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) استخدام منتجات تحتوي على 750 ملجم من بيتا-جلوكان، وأكدت إمكانية إدراجها ضمن الأنظمة الغذائية للحد من مخاطر أمراض القلب.
في الدراسة الحديثة، ركز الباحثون على دراسة تأثير بيتا-جلوكان على "تحمل المرض"، أي كيفية تقليل تأثير الفيروس على الجسم وليس مجرد محاربته.
وكانت النتيجة أن الفئران التي تناولت بيتا-جلوكان تمكنت من التعامل بشكل أفضل مع الإصابة، حيث أظهر الجهاز المناعي استجابة أكثر توازنًا.
دور خلايا الدم البيضاء في تعزيز المناعة
وجد الباحثون أن بيتا-جلوكان يعمل على "إعادة برمجة" بعض خلايا الجهاز المناعي لمساعدتها في مقاومة الفيروسات بفاعلية أكبر.
وأظهرت الدراسة أن الفئران التي تناولت بيتا-جلوكان امتلكت أعدادًا أكبر من كريات الدم البيضاء المعروفة باسم "العدلات" (Neutrophils)، ولكن هذه الخلايا تصرفت بشكل أكثر تنظيمًا من المعتاد.
قد يهمك.. فوائد المشروم للجسم- تعرف عليها
يقول الدكتور "كيم تران"، عالم المناعة في جامعة "ماكجيل":
"العدلات تُعرف تقليديًا بأنها خلايا تسبب الالتهابات، لكن بيتا-جلوكان يمكنه تعديل وظيفتها وتقليل الالتهاب بدلاً من زيادته".
كما وجدت الدراسة أن العدلات بقيت في الجسم لمدة تصل إلى شهر بعد تناول بيتا-جلوكان، مما يشير إلى أن هذه الألياف قد توفر حماية طويلة الأمد ضد العدوى الفيروسية.
وتعليقًا على هذه النتائج، تقول الدكتورة "نرجس خان"، عالمة المناعة في جامعة كالجاري: "من المذهل كيف يمكن لبيتا-جلوكان إعادة برمجة بعض خلايا المناعة، مثل العدلات، للسيطرة على الالتهابات المفرطة في الرئتين".
آفاق جديدة لتعزيز المناعة بطرق طبيعية
مع استمرار البحث عن حلول جديدة لمكافحة الإنفلونزا والفيروسات الأخرى، تقدم هذه الدراسة أملًا في إمكانية استخدام عيش الغراب كوسيلة طبيعية لتعزيز جهاز المناعة والحد من تأثير الأمراض الفيروسية.
وإذا أكدت الدراسات المستقبلية هذه النتائج على البشر، فقد يكون بيتا-جلوكان إضافة فعالة للأنظمة الغذائية للوقاية من الأمراض الفيروسية وتحسين الصحة العامة.
فيديو قد يعجبك: