عمليات زراعة الرحم.. الأمل في الإنجاب لهؤلاء ولكن
كتبت- حسناء الشيمي
حُرمت هبة عثمان (اسم مستعار) من فرصة الإنجاب بسبب ولادتها دون رحم، إلا أن أملها في الإنجاب وُلد عندما قرأت خبرا عن إجراء عملية لزراعة الرحم لمريضة أردنية في إحدى مستشفيات بيروت.
عمليات زراعة الرحم لم يتم إجراؤها في مصر حتى الآن، حسبما قال الدكتور أحمد راشد، أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامة عين شمس، الذي أوضح في تصريحات لـ"الكونسلتو" أن هذه العمليات غير منتشرة، نظرا لأن ذلك الإجراء الطبي جديد.
كان الدكتور الأردني، أيمن الصمادي، مستشار العقم وأطفال الأنابيب، قد أجرى مؤخرا أول عملية زراعة رحم في الشرق الأوسط لمريضة أردنية على رأس فريق جراحي سويدي ولبناني في إحدى مستشفيات بيروت، بحسب ما ذكرته صحيفة "الغد" الأردنية.
وقال الدكتور الصمادي في تصريحات صحفية، إن المريضة كانت تعاني من عدم وجود رحم لأسباب خلقية، وكانت تبحث عن فرصة للحمل إلا أن عدم وجود الرحم منعها من ذلك.
هل هذه العمليات تعد علاجا للعقم؟
أكد الدكتور أحمد راشد، أن زراعة الرحم لا تعد علاجا للعقم، ولكنها علاج للحالات التي تعرضت لاستئصال الرحم في سن مبكر أو في سن الإنجاب، كالتي تعاني من أورام ليفية أو تعرضت لانفجار في الرحم أثناء الولادة، مضيفا أنها "علاج مناسب أيضا للحالات التي ولدت دون رحم".
واتفق مع ذلك، الدكتور أيمن هاني، مدرس أمراض النساء والتوليد لكلية طب جامعة القاهرة، وقال إن عمليات زراعة الرحم اختيار مناسب للحالات سالفة الذكر، وخاصة للنساء اللواتي ولدن دون رحم بسبب وجود عيب خلقي.
وأضاف مدرس "النساء والتوليد" أن نجاح العملية لا يتوقف على زراعة الرحم وعدم رفض الجسم للرحم الجديد المزروع، وإنما على نجاح حدوث حمل واستمراره.
وكان العام 2014، قد شهد أول امرأة في العالم تضع مولودا بعد خضوعها لعملية زرع رحم، حيث رزقت امرأة سويدية، تبلغ من العمر 32 عاما، بمولود بعد أن خضعت لعملية زرع الرحم.
وتلى ذلك عدة ولادات لنساء زرعت لهن أرحام بمستشفى جامعة سالجرنسكا في جوتنبرج بالسويد.
وشهد العام 2017، سابقة هي الأولى من نوعها في الولايات المتحدة، حينما وضعت امرأة مولوداً بعدما خضعت لعملية زراعة رحم، وفقاً لمسؤولين في مستشفى دالاس بولاية تكساس الأميركية.
كيفية إجرائها؟
قال الدكتور أيمن هاني، إن عمليات زراعة الرحم في طور التجارب البحثية لذا ليس لها بروتوكولات أو أسس واضحة عند إجرائها، ولكن الطبيعي أن إجرائها يتطلب أن تكون المريضة في حالة صحية جيدة تساعدها على تحمل تلك العملية وإجرائها الذي يستغرق وقت طويل، هذا إلى جانب تناولها لأدوية مثبطة للمناعة بعد زراعة الرحم حتى لا يرفض الجسم الرحم الجديد المزروع.
أما بالنسبة للمتبرعة فأكد الدكتور أحمد راشد، أنه لا يحدث لها أي مضاعفات بسبب استئصال الرحم.
وتشير الإحصاءات إلى أن امرأة من بين كل 5000 ولدت من دون رحم. وتُشكّل عمليات زراعة الرحم أملا جديدا لكل امرأة وُلدت دون رحم أو خضعت لعملية استئصال رحم في سن مبكر ما يمنعها من الحمل.
وتنص المادة الثانية من قانون زراعة الأعضاء في مصر على أنه "لا يجوز نقل أى عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حى بقصد زرعه فى جسم إنسان آخر إلا لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة المتلقى أو علاجة من مرض جسيم، وبشرط أن يكون النقل هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه الضرورة وألا يكون من شأن النقل تعريض المتبرع لخطر جسيم على حياته أو صحته. ويحظر زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة أو الخلايا التناسلية بما يؤدى إلى اختلاط الأنساب"
معتقدات خاطئة
أشار الدكتور أحمد راشد، أستاذ أمراض النساء والتوليد بطب "عين شمس" إلى بعض المعتقدات الخاطئة الخاصة بعمليات زراعة الرحم، ومنها اعتقاد البعض أنها من العمليات المحرمة دينيا بدعوى "اختلاط الأنساب"، حيث أوضح أن الأنساب تختلط فقط من الأجنة، أي من البويضات والحيوانات المنوية، ولكن الرحم وحده لا علاقة له باختلاط الأنساب.
العمر المناسب
وقال الدكتور أيمن هاني، مدرس أمراض النساء والتوليد بـ"طب القاهرة" إن هذه العملية يفضل إجرائها في سن الخصوبة، أي ما بين 20 لـ 35 عاما، لأن بعد ذلك فرص الحمل تكون ضعيفة، خاصة أن الحمل يتم بعد زراعة الرحم عن طريق الحقن المجهري.
وهذا ما أكد عليه الدكتور عادل ندا، أستاذ مساعد أمراض النساء والتوليد بكلية طب القاهرة، موضحا أن في الغالب يحدث بعض الالتصاقات في الحوض، وبعض المشاكل التي تعيق حدوث الحمل بشكل طبيعي، ومن ثم يتم التدخل عن طريق الحقن المجهري.
وتنص مادة (7) من قانون زراعة الأعضاء على أنه "لا يجوز البدء في عملية النقل بقصد الزرع إلا بعد إحاطة كل من المتبرع والمتلقى إذا كان مدركاً بواسطة اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادة (13) من هذا القانون بطبيعة عمليتي النقل والزرع ومخاطرهما المحتملة على المدى القريب أو البعيد والحصول على موافقة المتبرع والمتلقي.
إجراءات لازمة
وتحتاج عمليات زراعة الرحم، وفق ما يقول الدكتور ندا، مثلها مثل باقي عمليات الزراعة إلى إجراءات وفحوصات للتأكد من توافق الأنسجة، وطبيعة الحالة المناعية للمريضة، مضيفا أن العملية تتطلب عند إجرائها لفيف من أطباء جراحة الأوعية الدموية، لإعادة توصيل الأوعية الدموية والشرايين للرحم الجديد المزروع، وضمان عمله بطريقة طبيعية.
ووفق التجارب الطبية السابقة تُجرى عمليات زراعة الرحم من جسد سيدة متوفية حديثا (لم يمر على وفاتها 6 ساعات) أو مازالت على قيد الحياة.
وتنص المادة الثامنة من قانون زراعة الأعضاء على أنه "يجوز لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة إنسان حي أو علاجه من مرض جسيم أو استكمال نقص حيوي في جسده، أن يزرع فيه عضو وجزء من عضو أو نسيج من جسد إنسان ميت، وذلك فيما بين المصريين إذا كان الميت قد أوصى بذلك قبل وفاته بوصية موثقة، أو مثبتة في أية ورقة رسمية أو أقر بذلك وفقًا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون".
يُذكر أن أول عملية لزرع رحم في الولايات المتحدة باءت بالفشل، وأشارت مستشفى كليفلاند كلينيك الأمريكية إلى أن الرحم الذي تم زرعه اُستبعد بسبب مضاعفات لم تحددها.
وأجريت عملية زرع الرحم للمريضة لينزي البالغة من العمر 26عاما في أواخر فبراير من العام 2016، وورد اسمها الأول فقط لدواعي حماية الخصوصية لها ولأبنائها الثلاثة بالتبني.
وولدت لينزي ـ كحالة خلقية ـ من دون رحم، وتم زرع رحم مأخوذ من متبرعة متوفاة في الثلاثينيات من عمرها، قبل أن يعلن فشل عملية الزراعة التي استغرقت تسع ساعات.
فيديو قد يعجبك: