«إنذار بالإجهاض».. غياب «الدوميت» وبدائله يهدد مريضات الضغط الحوامل
كتبت أمنية قلاوون
«إنذار بالإجهاض».. هذا هو التشخيص الذي أخبر الطبيب به شيماء- 28 عاما، والحامل في شهرها الثالث، والتي تعاني من ارتفاع ضغط الدم، بعد إصابتها بنزيف شديد، نتيجة لعدم تعاطيها الدواء الذي ظلت تبحث عنه دون جدوى، والمعروف بـ «الدوميت».
شيماء لم تكن الوحيدة المتضررة من غياب هذا الدواء والذي يوصف للحوامل المصابات بارتفاع ضغط الدم، حيث رصد «الكونسلتو» اختفاء الدواء وبدائله في عدة صيدليات بمناطق ومحافظات مختلفة، وبينها صيدليات كبرى لها ما يزيد عن 100 فرع، فبالبحث عن الدواء وبدائله التي تحمل الأسماء التجارية «أبيلات ريتارد» و«أبيدوبا»، لم نعثر سوى على شريط واحد من الدواء البديل «أبيدوبا».
الحوامل أكثر المتضررات من اختفاء الدواء
يعالج الالدوميت ارتفاع ضغط الدم لدى كثير من مرضى ارتفاع الضغط، إلا أن الحوامل هن الأكثر معاناة من غيابه، حيث أكد دكتور محمد عبدالفتاح السنيطي مدرس النساء والتوليد بجامعة عين شمس، أن المخاطر الصحية التي يسببها نقص «الدوميت» تشمل تسمم الحمل، وانفصال المشيمة، وارتفاع ضغط الدم بشدة ما قد يسبب نزيف المخ للأم.
من جانبه قال دكتور محمد نصر استشاري جراحة القلب بمعهد القلب القومي، إن أدوية ضغط الدم من الأدوية الرخيصة التي يؤثر غيابها بشدة على المرضى، مؤكدا أن الحوامل أكثر المتضررين من النقص الحوامل، لعدم توافر بدائل آمنة وفعالة للالدوميت، فضلا عن نقص البدائل أيضا.
رحلة البحث عن «الدوميت».. متبرعون وسوق سوداء
في محاولة لإنقاذ حملها، بحثت شيماء عن الدواء في صيدليات 3 مناطق هي المقطم والمعادي والحلمية، وفي كل مرة تأتيها الإجابة «مش موجود ومافيش بديل»، ما دفعها لكتابة منشور على إحدى المجموعات النسائية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تطلب فيه الدواء، لتعثر أخيرا على متبرعة، تسعد بدوائها إلا أنها تتذكر أن العلبة التي حصلت عليها لن تكفي احتياجها، لتقول بيأس «شكل الحمل مش هيكمل».
بينما عثرت شيماء على علبتها من متبرعة، كان عبدالله، يبحث في مدينة زفتى التابعة لمحافظة الغربية، عن أقراص «الدوميت 250» لزوجة اخيه الحامل، وبعد أيام من البحث استطاع الحصول على علبة مقابل 120 جنيها، في الوقت الذي يبلغ فيه سعرها الأصلي 36 جنيها.
«الطوارئ».. طوق النجاة من تسمم الحمل
أوضح الدكتور محمد السنيطي، أن الحوامل اللواتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم ولا يستطعن الحصول على الدواء يتم حجزهن في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، وعلاجهن بدواء مصري بديل لـ«الدوميت» يعرف بـ«إيفي دوبا»، وهو خاص بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة ولا يتم تداوله بالصيدليات، مشيرًا إلى أن ارتفاع ضغط دم الحامل لا يستدعي الحجز بالمستشفيات، إلا أن نقص «الدوميت» وبدائله في السوق يسبب هذا الإجراء.
من جانبها، أكدت الدكتورة مستورة شبلة طبيبة النساء والتوليد بقصر العيني، أن: «قسم الطوارئ بمستشفى النساء والتوليد التابع لقصر العيني، يستقبل بشكل دوري السيدات اللواتي يعانين من تسمم الحمل، بسبب غياب علاج ارتفاع ضغط الدم، والذي لا توجد له بدائل علاجية أو طبيعية».
هل إذا توافر البديل سيكون آمنًا للحامل؟
بالتحقق من أهمية الدوميت للحوامل المصابات بارتفاع ضغط الدم، وغيابه مع بدائله، أثير التساؤل «هل يكون آمنا توفير البدائل»؟
يذكر محمد السنيطي، أن المادة العلمية لـ«الدوميت» هي «ألفا ميفيل دوبا» وهو الدواء الأساسي الذي يتم الاعتماد عليه في فترة الحمل، ولا يمكن استخدام البدائل الأخرى، فهناك أدوية تتسبب في مشاكل الحمل، كما تسبب تشوه الأجنة وانخفاض الدورة الدموية للحامل.
وتابع مدرس النساء والتوليد بجامعة عين شمس: «تعمل أدوية ضغط الدم على مثبطات «بيتا بلوكر»، وهناك بدائل أخرى تعتبر ضعيفة وغير فعالة».
تغلق شيماء، باب البدائل مؤكدة أنها تبحث عن البديل بشكل دائم ولكنه غير موجود في الصيدليات.
الشركة المنتجة للدواء: تأخر استيراد المادة الخام السبب
من جانبه قال دكتور عادل الطحلاوي، العضو المنتدب لشركة القاهرة للأدوية، المنتجة لدواء«الدوميت»، إن الشركة تأخرت في إنتاج كمية تغطي احتياجات السوق الدوائية، بسبب تأخر استيراد المادة الخام من الخارج، مشيرًا إلى استيراد 50 ألف طن من المادة الخام.
وأضاف الطحلاوي، أن الشركة أنتجت مؤخرا 150 ألف علبة دواء تم توزيعها في الأسواق لتغطية احتياجات المرضى، ونفى وجود أي نية لزيادة سعر الدواء بسبب أزمة نقصه في السوق كما يعتقد كثير من المرضى، قائلًا: «لا نية لرفع سعر الدواء».
أين وزارة الصحة؟
أعلنت وزارة الصحة في مايو 2016 إلزام الشركات المصنعة والمنتجة للأدوية بتوفير الأدوية الناقصة في السوق، ومنها الدوميت الذي تنتجه شركة القاهرة للأدوية، إلا أن مرضى ارتفاع ضغط الدم وفي مقدمتهم الحوامل مازالوا يعانون من نقصه ومخاطر غيابه على صحتهم.
وبين إعلان وزارة الصحة إلزام الشركات بإنتاج الدواء، وتصريحات مسؤولي الشركة التي بررت غياب الدواء بعدم استيراد المادة الخام، تواصل مريضات ارتفاع الضغط الحوامل رحلة بحثهن عن حمل آمن.
فيديو قد يعجبك: