أكثر الكلمات انتشاراً

لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أطباء نفسيون تراودهم أفكار انتحارية.. ما السبب؟

05:18 م الخميس 22 نوفمبر 2018

كتب - مصطفى عريشة:

ترجمة: ياسمين الصاوي

ترتفع حالات الانتحار بين الأشخاص على اختلاف وظائفهم وأعمارهم وأفكارهم وطباعهم، ويظهر الأطباء وبخاصة "النفسيين" على رأس القطاعات الأكثر إقبالا على الانتحار رغم توليهم المسؤولية الكاملة لمعالجة المرضى والمقبلين على مثل هذه السلوكيات غير السليمة.

يملك الأطباء بشكل عام استعداد للإصابة بالأمراض النفسية أكثر من الأشخاص الآخرين وهذا يرجع لأسباب مختلفة بينها اختيارهم لمهنة الطب والبعض الآخر يكون لديه استعداد للمرض النفسي، إلى جانب تعرضه للضغوط بحكم عمله بحواسه وتفكيره عكس التخصصات الأخرى، ما يعرضه للإرهاق والضغط خاصة إذا كانت الحالات التي يتعامل معها صعبة، وفق ما قاله الدكتور سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسي بكلية طب قصر العيني.

ويعتبر الاستعداد النفسي والوراثي والتربوي هو الفيصل في الإصابة بالمرض النفسي والوصول إلى مراحل سيئة تدفع الأطباء للانتحار، بحسب عبدالعظيم.

وأزاحت دراسة حديثة الستار عن ارتفاع معدلات انتحار العاملين في مجال الطب أكثر من العاملين في أي قطاع آخر، وذلك في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين عام 2018.

تصل أعداد حالات الانتحار بين الأطباء إلى 28- 40 حالة من كل 100 ألف، وذلك بمعدل أعلى مرتين من حالات الانتحار بين عامة الشعب والتي تصل إلى 12.3 حالة من كل 100 ألف، وغالبا ما يعاني هؤلاء الأطباء من اكتئاب لم يتم علاجه أو مازال في مرحلة العلاج أو أي أمراض عقلية أخرى تحتاج إلى التشخيص المبكر والعلاج، بحسب ما أكده ديبيكا تانوار، أحد المؤلفين المشاركين بالدراسة.

اقرأ أيضا: كيف تدعم شخصا يفكر في الانتحار؟

وفي سياق متصل، قال الدكتور جميل صبحي، استشاري الأمراض النفسية والعصبية، إن أي إنسان عُرضة للإصابة بالأمراض النفسية وليس الطبيب النفسي فقط، والمرض النفسي يكون مبني على استعداد وراثي - أي استعداد في الجهاز العصبي وتأثيرات التربية منذ الطفولة - وميزة الطبيب النفسي أنه في حالة إصابته بمرض نفسي يعلم ذلك وفي بعض الأحيان يعالج نفسه.

في حالة دخول الطبيب النفسي في حالة اكتئاب حسبما قال استشاري الأمراض النفسية والعصبية، يتناول أدوية الاكتئاب ويعالج نفسه، موضحا أنه إذا لم يتمكن من علاج نفسه قد يلجأ لزميل آخر، مثل حالات الاضطرابات الذهانية التي يتعرض فيها المريض لأفكار وضلالات يكون في حاجة لتقييم المرض وتشخيصه من قبل طبيب آخر.

وأكد صبحي، أن الطبيب النفسي لا يتعامل بمشاعره مع المرضى بل بعقله مثل الجراح، فإذا تعامل بمشاعره لن يتمكن من علاج مرضاه، مشيرا إلى لجوء الأطباء النفسيين، في بعض الأحيان، لعلاج أخطاء التربية التي تعرضوا لها والتأثيرات النفسية الحادثة في الصغر، ما يجعلهم أقل عُرضة للإصابة بالأمراض النفسية.

اقرأ أيضا:الضغوط النفسية تصنع شخصيات انتحارية.. هذه سماتها

الأطباء أكثر عرضة للانتحار

وأظهرت نتائج الدراسة الأمريكية سالفة الذكر، أنه بالرغم من قلة محاولة الأطباء الإناث الإقبال على الانتحار مقارنة بالنساء الأخريات، إلا أنهن ينفذن ذلك بمعدل يتجاوز الأخريات ويصل إلى 2.5- 4 مرات، وهو ما يساوي معدل تنفيذ الأطباء الذكور أيضا للانتحار.

ويؤثر الاكتئاب على 12% من الأطباء الذكور، ويرتفع ليصل إلى 19.5% لدى الأطباء الإناث، بل ويصبح أكثر شيوعا بين طلاب كلية الطب، حيث يعاني 15-30% من الطلاب من أعراض الاكتئاب.

لماذا ينتحر الأطباء؟

يبدأ الضغط العصبي في كلية الطب، ويستمر مع التخصص الذي يتطلب حتما احتياجات عالية والقدرة على المنافسة مع الأطباء الأخرين والمذاكرة ساعات طويلة ونقص النوم، وربما يساهم ذلك في إدمان بعض المواد التي تعد عامل خطر أخر للانتحار، هذا ما قالته بيث برودسكي، أستاذ مساعد علم النفس في جامعة كولومبيا.

ويصبح الضغط العصبي أكثر حدة مع نقص موارد الرعاية الطبية والأوضاع المحيطة في فترة التخصص، وبعد تخرج طلاب الطب ودخولهم سوق العمل بشكل محترف، فإنهم يواجهون ضغوطات مختلفة لكن على القدر نفسه من التحدي، وتصبح الطبيبات أكثر عرضة للانهيار بفعل ضغوط العمل، وبالتالي ترتفع معدلات الانتحار، وفقا لما قالته برودسكي.

وأشارت إلى ضرورة اعتبار الانتحار مرض وليس جريمة، من أجل الخروج من هذا الظلام والتخلص من المشكلة.

وسيلتان يستخدمهما الطبيب عند الانتحار

يعد التسمم والشنق من أكثر وسائل الانتحار شيوعا بين الأطباء، وربما يرجع ذلك إلى معرفتهم الجيدة بالمواد التي تؤدي إلى التسمم وكيفية الوصول إليها بسهولة، في حين يقترب الأطباء النفسيين من قمة قائمة معدلات الانتحار الأعلى للتخصصات والقطاعات الطبية المختلفة.

العلاج "وصمة عار"

قال تانوار، إن وصمة العار تحول دون بحث الأطباء عن تلقي الرعاية الطبية، فهناك 50% من الطبيبات اللواتي أكملن استبيانا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عام 2016، أبلغن عن معاناتهن من اضطراب عقلي، إلا أنهن يخشين طلب المساعدة الطبية خوفا من إلحاق وصمة عار على جبينهن.

حالات عربية

ويشهد عالمنا العربي حالات انتحار عدة بين الأطباء، فعلى سبيل المثال كانت مقاطعة أنفا غرب المملكة العربية المغربية، قد شهدت هذا العام انتحار طبيب نفسي، بعد أن ألقى بنفسه من شرفة عيادته الطبية، بسبب معاناته الطويلة مع مرض نفسي، إضافة إلى تأثره بسوء علاقته مع شريكة حياته التي اقترن بها حديثا.

فيديو قد يعجبك:

صحتك النفسية والجنسية