دراسة: عطركِ قد يصيبكِ بأمراض القلب والعقم

كتب - محمد عماد

عندما ترشين عطركِ المفضل، قد تشعرين بالسعادة والثقة، ولكن هل فكرتِ يومًا أن هذا العطر قد يحتوي على مكونات قد تؤثر سلبًا على صحتكِ؟ يحذر الخبراء من أن بعض المواد الكيميائية المستخدمة في العطور ومنتجات التجميل قد يكون لها آثار ضارة تمتد إلى القلب، التمثيل الغذائي، والخصوبة، وفقًأ لموقع "نيويورك بوست".

الفثالات، وهي مجموعة من المركبات الكيميائية التي تُستخدم على نطاق واسع في صناعة مستحضرات التجميل، تعد واحدة من أكثر المكونات إثارة للجدل.

تُستخدم هذه المركبات لجعل الروائح تدوم لفترة أطول، لكن الأبحاث الحديثة تُشير إلى أنها قد تكون أكثر ضررًا مما نعتقد.

أين توجد الفثالات؟

تُستخدم الفثالات في العديد من المنتجات اليومية التي قد لا تخطر على بالك، من طلاء الأظافر ومثبتات الشعر إلى الشامبو وغسول الجسم وحتى العطور الفاخرة، فهذه المادة تُساعد على تثبيت الروائح وجعلها تدوم لفترة أطول، لكنها قد تأتي بثمن صحي باهظ.

بحسب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، فإن بعض أنواع الفثالات مثل فثالات ثنائي البوتيل (DBP) وفثالات ثنائي الميثيل (DMP) أصبحت أقل استخدامًا اليوم، ولكن فثالات ثنائي الإيثيل (DEP)، الذي يُستخدم في خلط العطور المختلفة معًا، لا يزال شائعًا، ويعتقد بعض الخبراء أن تجنّب هذا المكون قد يكون الخيار الأكثر أمانًا للحفاظ على الصحة.

كيف تؤثر الفثالات على صحتكِ؟

ربطت العديد من الدراسات بين التعرض للفثالات ومجموعة من المشكلات الصحية، مثل أمراض القلب، السمنة، مقاومة الأنسولين، ومرض السكري، كما أظهرت دراسة أجريت عام 2020 وجود صلة بين مستويات الفثالات في الجسم واضطرابات سلوكية مثل فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) لدى المراهقين.

لا يقتصر الأمر على ذلك؛ إذ أشار تقرير صادر عن عيادة كليفلاند إلى أن الفثالات قد تكون مسؤولة أيضًا عن زيادة حالات الحساسية والربو، مما يجعلها مصدر قلق صحي متعدد الأبعاد.

تأثير الفثالات على الهرمونات والخصوبة

أحد أخطر الآثار المرتبطة بالفثالات هو قدرتها على تعطيل عمل الغدد الصماء، وهي الغدد المسؤولة عن إفراز الهرمونات في الجسم، تُشير الأبحاث إلى أن الفثالات يمكن أن تؤثر على الخصوبة لدى كل من الرجال والنساء، وقد تُعيق نمو الأعضاء التناسلية وتسبب مشاكل خلال الحمل.

وبحسب الدكتورة لورا شاهين، أخصائية الغدد الصماء التناسلية في مؤسسة PNWF في سياتل، فإن المستويات المرتفعة من الفثالات ترتبط بزيادة خطر العقم، ضعف جودة الحيوانات المنوية، انخفاض جودة البويضات، وحتى زيادة خطر الإجهاض.

أما بالنسبة للنساء، فإن التعرض للفثالات قد يسبب اضطرابات الدورة الشهرية، ضعف الإباضة، وزيادة خطر الإصابة بالتهاب بطانة الرحم، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، بيركلي عام 2018، والتي كشفت أن التعرض لهذه المواد الكيميائية قد يؤدي إلى بلوغ الفتيات في سن مبكرة.

وللرجال، فإن الخطر لا يقل خطورة، فقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2002 أن الرجال الذين تعرضوا لمستويات طبيعية من الفثالات أظهروا زيادة ملحوظة في تلف الحمض النووي للحيوانات المنوية، مما قد يؤثر على الخصوبة بشكل مباشر.

هل العطور آمنة كما تدّعي الشركات؟

على الرغم من القلق المتزايد بشأن الفثالات، لا تزال العديد من الجهات التنظيمية، مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، تُصر على أن مستويات التعرض لهذه المواد في مستحضرات التجميل ليست خطيرة.

في عام 2002، نشرت لجنة مراجعة مكونات مستحضرات التجميل تقريرًا يفيد بأن الفثالات في مستحضرات التجميل لا تشكل تهديدًا صحيًا، بينما توصل تقرير صادر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) عام 2001 إلى نتيجة مماثلة.

لكن العديد من الخبراء يعارضون هذا التوجه، إذ تؤكد الدكتورة شاهين أن التراكم اليومي للفثالات والمواد الكيميائية الأخرى مثل BPA وPFAS والبارابين يمكن أن يكون له آثار تراكمية على الجسم، مما يزيد من المخاطر الصحية على المدى الطويل.

كيف يمكنكِ حماية نفسكِ؟

قد يكون تجنب الفثالات أمرًا صعبًا، نظرًا لأنها لا تُدرج دائمًا ضمن قائمة المكونات على ملصقات المنتجات، كما أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لا تشرف على مكونات مستحضرات التجميل بشكل صارم، ما يجعل من الصعب على المستهلكين معرفة ما يدخل في تركيبة منتجاتهم.

لكن هناك بعض الخطوات التي يمكنكِ اتخاذها لحماية صحتكِ:

استخدمي قواعد بيانات موثوقة: توفر مواقع مثل حملة مستحضرات التجميل الآمنة وقاعدة بيانات Skin Deep التابعة لمجموعة العمل البيئي معلومات دقيقة حول المنتجات ومكوناتها.

اختاري المنتجات الخالية من العطور: كلما قل عدد المنتجات العطرية التي تستخدمينها، قل تعرضكِ للفثالات.

استبدلي المنظفات التقليدية ببدائل طبيعية: استخدمي منظفات الغسيل والصابون الخالي من العطور.

تحققي من ملصقات المنتجات: إذا رأيتِ كلمة "عطر" أو "Fragrance" على الملصق، فمن المحتمل أن تحتوي على الفثالات.

تقول الدكتورة شاهين: "الشركات التي تستخدم الفثالات تدّعي أن الجرعة الصغيرة لا تضر، لكن المشكلة هي أننا نتعرض لمستويات صغيرة منها يوميًا من مصادر متعددة، مما يؤدي إلى تراكمها في أجسادنا".