البعض يصحو متحدثا لكنة غريبة.. لماذا؟

كتب-رغدة مرزوق

تخيل إذا استيقظت يوما ووجدت نفسك تتحدث بلهجة فرنسية أو بريطانية كأنها لكنتك الأم.. هذا ما حدث بالفعل في عام 2016 مع امرأة أمريكية تدعى «Lisa Alamia» بعد إجرائها لعملية بالفك، حيث استيقظت بأثر جانبي غير متوقع بالمرة، وهو تحدثها باللهجة البريطانية، وتلقت في ذلك الوقت اهتماما على الصعيد الوطني لتشخيص إصابتها النادرة بمتلازمة اللهجة الأجنبية «(FAS)Foreign accent syndrome». 

ما هي متلازمة اللهجة الأجنبية؟

وفقًا لموقع«WebMD»، تُعتبر متلازمة اللهجة الأجنبية إحدى اضطرابات الكلام التي تُحدث تغيير مفاجئ في الكلام، أي يتغير نمط خطاب الشخص فجأة وبشكل غير متوقع دون محاولة متعمدة للقيام بذلك، ويظل الشخص يستخدم كلمات لغته الأم ولا يتأثر اختياره للكلمات بشكل رئيسي، ومع ذلك، يتغير إيقاع ونبرة الصوت ووقت إخراج الكلام ما يجعل المتكلم يبدو لشخص من نفس جنسيته كأنه يتحدث بلغة غريبة، على سبيل المثال شخص مصري يتحدث اللغة العربية لكن باللهجة السورية. 

شُخص هذا الاضطراب النادر في عام 1907، وتم تسجيل نحو 100 حالة تم إصابتها به حول العالم، حيث تحولت لهجتهم من لهجة إنجليزية بريطانية إلى لهجة فرنسية أو صينية، ومن الإنجليزية الأمريكية إلى الإنجليزية البريطانية، ومن الإسبانية إلى المجرية، ومن اليابانية إلى الكورية.

البعض قد يتسائل إذا كان الاضطراب حقيقي أم مصطنع، ولكن الدكتور«توبي يالثو»، الذي كان يعالج«Lisa»، أكد أنها لا تصطنع طريقة الكلام، وأن الأمر حقيقي، فما لا يعرفه الناس أن من يعانون من هذا الاضطراب غالبا ما يشعرون بالإحباط بسبب عدم القدرة على التحدث بلهجتهم العادية، وقد يعانوا من القلق الاجتماعي.

أسباب الإصابة بمتلازمة اللهجة الأجنبية

وفقا لدراسة نُشرت في مجلة «Frontiers in Human Neuroscience»، ترتبط إصابة نحو 86% من الحالات بتلف عصبي في مراكز الكلام في الدماغ أو صدمة، ويحدث ذلك نتيجة عدة عوامل مثل:

• سكتة دماغية.

• نزيف داخل المخ.

• التصلب المتعدد (وهو إحدى الاضطرابات العصبية).

فعندما يتحدث الإنسان، يتم استخدم أجزاء من عضلات اللسان والوجه، وسقف الحلق بطريقة معينة، ولذلك عند الإصابة بالمتلازمة أو بالأخص عند إصابة المخ أو نقص تدفق الدم إليه، يتأثر الجزء الذي يتحكم في اللغة والكلام، ويتحدث المريض بطبقة صوتية ولغة ونبرة مختلفة وتصبح اللهجة غريبة.

أعراض الإصابة بالمتلازمة:

• نُطق بعض الحروف بطريقة غريبة.

• تحريك اللسان أو الفك بشكل مختلف أثناء التحدث.

• استخدام كلمات غير مناسبة لوصف شىء معين.

• عدم ربط الجُمل ببعضها وتنظيمها بشكل صحيح.

• التشديد على نطق بعض الحروف، وهو أمر غير مطلوب.

• في بعض الأحيان، قد تختفي تماما معرفة المُصاب بلغته الأم.

كيفية التعامل مع المرض

لا يوجد علاج محدد لمتلازمة اللهجة الأجنبية، ولكن قد يتم التعامل مع الحالة عن طريق:

- علاج الخطاب: قد يعالج الاضطراب عن طريق اتباع علاج كلامي مكثف.

- علاج استشاري: قد يشعر المريض بالعزلة والإحراج بسبب نُدرة الاضطراب، ولذلك فاستشارة طبيب متخصص قد تساعد المريض وعائلته على التعامل مع الحالة.

- الاستيعاب: قد يساعد أخذ الشخص إلى البلد التي يتحدث بلهجتها، فقد لا يشعر بالعزلة أو الغربة أو حتى بالاضطهاد بسبب لهجته الغريبة.

وأحيانًا يُنصح هؤلاء المرضى أن يعتمدوا تماما على اللهجة الجديدة حتى لا يشعروا بعدم الارتياح أو بأنهم أغراب، ووفقًا لأدب الطب يستطيع بعض المرضى استعادة خطابهم الطبيعي.