حسام غنيم يكتب: "تاكوتسوبو"!

ما الفرق بين الظلم والقهر؟.. عندما يُهدر حقك و يُسرق فتصرخ ولا يمكنك استرجاعه فهذا ظلم، وعندما تُظلم ولا يمكنك حتي الصرخة وقول الآه فهذا هو القهر!.

القهر يكسر القلوب والحزن والندم والحب أيضا فكم من قلوب كسرت.. كنت أتوقف كثيرا أمام هذا المعني و روعته، كيف استقر رأي العالم بكل لغاته علي هذا الوصف غنيُّ التعبير.. قلب مكسور broken heart.. حتى رأيته مجسدا، كنت في أحد فترات تدريبي بالخارج وجاءت امرأة لا يبدو عليها أنها تجاوزت الأربعين من عمرها تشكو آلام حادة بالصدر مع صعوبة في التنفس وانخفاض بضغط الدم.

الحالة واضحة، إنها ذبحة صدرية ولكن استرعى انتباهنا أن المريضة سيدة وشابة وأن الذبحة الصدرية القلبية لا تأتي للسيدات في هذا السن لأن هرمون الأنوثة (الإستروچين) يحميهم من الذبحات الصدرية، وأكد شكوكنا رسم القلب الذي قمنا بعمله سريعا وكان طبيعيا تماما بدون أي إشارة لذبحة قلبية.. ولكنها تعاني وبالفعل ضغطها منخفض جدا!.

ورغم عدم اختصاصي بالحالة حيث كنت مستدعي لمناظرة حالة طوارئ جهاز هضمي لكن دفعني فضولي العلمي للاستمرار مع الفريق الطبي لأمراض القلب متشوقا لمعرفة مرضها وكيفية إنقاذها، فرافقت أطباء القلب الذين قاموا بعمل أشعة وموجات صوتية على القلب ليكتشفوا المفاجأة الكبرى.. البطين الأيسر من القلب وهو الذي يضخ الدم لكل الجسم تضخم بشكل كبير وبدّي كأنه بالون يخرج من القلب ففقد كثيرا من كفاءته في ضخ الدم بل ويهدد بالتوقف.. الموت.

ابتسم استشاري القلب وسأل الحضور "هل أحد يعرف ما هذا؟"، ولكن أحدا لم يرد، فنظر إلى زملائه وتلاميذه وقال في أسى "إنه قلب مكسور"!.

نعم.. القلب ينكسر حرفيا وعلميا بسبب توتر وضغط عصبي أو نفسي شديد مفاجئ أو مزمن، يتم إفراز بعض الهرمونات التي من الممكن أن تسبب توقف في أجزاء وفصيلات من عضلة القلب فتضعف الانقباض وتتمدد عضلة القلب وينتفخ ولكن لمدة مؤقتة تتراوح بين ساعات الي أشهر قليلة و نادرا ما تؤدي للوفاة.

يصبح شكل القلب مع هذا التمدد وكأنه وعاء كالذي يستخدمه الصيادون اليابانيون في اصطياد الأخطبوط وذلك علي حسب وصف الطبيب الياباني الذي اكتشف هذه الظاهرة وأسماها باسم وعاء صيد الأخطبوط باللغة اليابانية "تاكوتسوبو"!