في اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة.. كيف أبدع هؤلاء؟

كتبت- حسناء الشيمي

تعرض أيمن العريان لحادث كبير في التاسعة عشر من عمره تسبب في إصابته بالشلل.. قضى أيام يفكر في المستقبل وما كان عليه في الماضي وصدمة مما حوله، وحاله الذي اعتقد أنه سيتغير بسبب إعاقته، فدخل في حالة من العزلة والإحباط لفترة طويلة.

الأمر نفسه حدث مع رانيا رشدي، حينما أُصيبت بضمور العضلات، فأصبحت جليسة الكرسي المتحرك، واعتقدت أن حياتها انتهت.

يدخل الشخص في حالة من الإحباط والاكتئاب بعد تعرضه لحادث كبير يؤثر على حياته وقدراته، أو حينما يولد باحتياج خاص، هنا يظهر دور الدعم النفسي، والقوة والإرادة الواجب توافرها لتجاوز هذه المرحلة والتي تساعد الشخص على الاندماج بشكل طبيعي في المجتمع، وفقًا للدكتور سعيد عبد العظيم، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة.

الإرادة هي الأساس

أكد عبد العظيم، أن تعرض الشخص لإعاقة، سواء جسدية أو حركية، لا تعني انتهاء الحياة، فهي فاصل يمكن مواصلة الحياة بعده شكل جديد، وليست نقطة نهاية كما يتصور البعض.

أُصيب طارق سالم بحادث خلال ممارسته رياضة الغطس، تسبب في إصابته بالشلل النصفي، وبسبب إجراء عملية تثبيت للفقرات بشكل خاطئ تحول الشلل لرباعي، فضلًا عن تعرضه لقطع كامل في النخاع الشوكي.

لم ينل الحادث من عزيمة طارق، ما دفعه للعودة إلى دراسته بعد تعافيه من الجراحة وآثارها، لكن الإدارة أخبرته أنه لم يعد مناسبًا للدراسة، يضيف "بعد رفض عودتي للدراسة لم يكن لدي وقت للصدمة فرغبتي في استكمال دراستي والبحث عن الوسيلة التي تمكنني من ذلك كانت الأهم، فساعدني أهلي في السفر للخارج وبالفعل خضعت للعلاج، وتمكنت من اختراع أداة مساعدة لتمكنني من الكتابة، حتى أنها سُجلت في ألمانيا باسمي، وعدت إلى جامعتي لاستكمال دراستي من جديد".

البحث عن الايجابيات

كل شخص لديه قدرة خاصة وعند الاهتمام بها يمكنه التفوق، وفقًا للدكتور جميل صبحي، استشاري الأمراض النفسية والعصبية، مؤكدًا أن ذلك يساعده بشكل كبير على إعادة التأهيل النفسي لشخصيته، وسهولة مواجهته للمجتمع وتحدياته، فضلًا عن دوره في مساعدته على الدمج مع غيره من الأشخاص.

قرر أيمن العريان عدم الاستسلام لحالته النفسية السيئة، فعمل على مواصلة حياته وخضع للعلاج الطبيعي وعاد لدراسته في كلية الهندسة حتى تخرج وعمل في شركة كبرى، أصبح فيما بعد مديرًا لتطوير البرمجيات في واحدة من أكبر شركات التتبع السعودية، ويقول: "الشلل جعلني شخص قادر على كل شيء ولكن بشكل مختلف، والكرسي بالنسبة لي مثل قدمي، أو السيارة".

الدعم النفسي

تقبّل الأهل للأزمة التي تعرض لها ابنهم أو ابنتهم من أهم العوامل المساعدة لتقبلهم أنفسهم ووضعهم الجديد، وفقًا للدكتور جميل صبحي، مشيرًا إلى أهمية تشجيعهم وخلق فرص جديدة لهم تساعدهم على التفوق والتطور وعدم الاستسلام، كما أوصى بعدم الاستهانة بما يشعرون به، وتقدير مشاعرهم وانفعالاتهم، ونهى في نفس الوقت عن إظهار التعاطف والشفقة لهم أو إحاطتهم بطاقة سلبية.

تلقت رانيا رشدي، الدعم من أستاذ الكيمياء الذي كان يدرس لها، فساعدها على استرداد قوتها وعزيمتها، حتى أنها أكملت دراستها وبدأت في البحث عن هواياتها المفضلة، فقامت بعمل تصميمات لأدوات العروس والرسم على الأيدي، وعملت أيضًا "موديل" للمكياج والحجاب.

تعزيز فكرة الدمج

الدكتور محمود أبو العزايم، استشاري الطب النفسي، أكد أن الدمج يساعدهم في تجنب العزلة والانطوائية، فضلًا عن دوره في تعزيز قدرتهم على التعامل مع غيرهم.

تقديم نماذج

شدد الدكتور جميل صبحي، على أهمية تقديم نماذج إيجابية حقيقية لهم، ويفضل مساعدتهم لمقابلتهم والتحدث إليهم لأنهم قادرين على فهم احتياجاتهم وتفكيرهم أكثر من الغير، فضلًا عن تميزهم بطاقة غير عادية قادرة على جعلهم مميزين بصورة أكبر من غيرهم.

هذا ما حدث مع المهندس طارق سالم، فبعدما استكمل دراسته لم يجد عمل مناسب له كما يريد فعمل في سنترال لتحويل المكالمات، لكن ذلك لم يكن حلمه، فحصل على دورات تدريبية مكثفة للبرمجة عن طريق الإنترنت، وخضع لامتحانات وحصل على شهادة تمكنه من العمل كمبرمج في كلية حاسبات ومعلومات لمدة عامين، ولكن لرغبته المستمرة في التطور حصل على دبلومة من الجامعة، وبالبحث توصل إلى أدوات تساعده في الاعتماد على نفسه في كل شيء، حتى وصل لدرجة كبيرة من الاحتراف في عمله.

لم يتوقف طارق عن الاختراعات التي تساعده على تسهيل الحياة، فلأنه مستخدم كرسي متحرك، ففي كثير من الأحيان يجد صعوبة في الحصول على بعض احتياجاته، لذا اخترع أدوات تسهل عمل ذلك الكترونيًا بواسطة الهاتف المحمول عن طريق البصمة الصوتية أو النظر، وبهذا الاختراع تم تكريمه من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي.