المضادات الحيوية سلاح ذو حدين.. تقضي على البكتيريا أم تسبب ضررًا للأمعاء؟

المضادات الحيوية
يتحكّم الأداء الإدراكي والمزاجي بشكل كبير في صحتنا بأعداد هائلة من البكتيريا والفطريات والفيروسات التي تستقر داخل القولون، والتي لم تبدأ الأوساط الطبية بالاهتمام بها إلا قبل نحو عقد فقط.
وظهرت دراسة حديثة تفيد بأن توازن الميكروبيوم شديد الأهمية، إذ عبارة عن مجموعة الميكروبات الدقيقة التي تعيش داخل الأمعاء.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "تليجراف" البريطانية، فإن هذه الكائنات الدقيقة تُعدّ بمثابة نواة الجهاز المناعي، وأحد الأسرار وراء صحة القلب والعقل معاً.
في الواقع، المضادات الحيوية سلاح ذو حدين، وعلى الرغم من فاعلية المضادات الحيوية في القضاء على البكتيريا المسببة للعدوى والأمراض، إلا أن استخدامها يُلحق ضررًا بالغًا بصحة الأمعاء.
فهذه الأدوية لا تميز بين البكتيريا الضارة والنافعة، ما يؤدي إلى تدمير النظام البيئي الدقيق في الأمعاء.
اقرأ أيضًا: فرط نمو بكتيريا الأمعاء.. إليك الأعراض وطرق العلاج
وفي هذا السياق، يقول الدكتور جيمس كينروس، جراح الجهاز الهضمي وخبير صحة الأمعاء:"عند تناول مضاد حيوي واسع الطيف، يمكن أن ينخفض عدد ميكروبات أمعائك بمقدار 40 ألف ضعف — ما يعني تدميرًا شبه كامل لهذا النظام الحيوي الدقيق".
وفي دراسة أُجريت بواشنطن، تبيّن أن جرعة واحدة فقط من المضادات الحيوية واسعة الطيف تركت أمعاء الأفراد الأصحاء شبيهة بميكروبيوم مرضى العناية المركزة، ولم يتمكن البعض من التعافي بشكل كامل.
والأخطر من ذلك، أن بعض الدراسات أشارت إلى أن هذا التدمير الميكروبي قد يؤثر سلبًا على صحة الدماغ، ويرفع من خطر الإصابة بأمراض مثل الخرف.
رغم هذه المخاطر، تبقى المضادات الحيوية ضرورية في كثير من الحالات. ويوضح كينروس: "أنا لا أعارض استخدام المضادات الحيوية، لكن ما أتمناه أن نبدأ بمفهوم الحفاظ على الميكروبيوم خلال العلاج الطبي".
ويشير إلى أن المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أو التهابات الأمعاء غالبًا ما يمرون بحلقة مفرغة من المضادات الحيوية تؤدي إلى تدهور حالتهم.
وعندما تتفاقم الأمور، قد يُلجأ إلى حلول مثل زرع البراز من متبرع سليم لاستعادة التوازن الميكروبي، لكن غالبًا يكفي منح الأمعاء فرصة للراحة والتعافي بشكل طبيعي.
قد يهمك: في 9 خطوات- دليلك لتحسين صحة الأمعاء
كيف نختار المضاد الحيوي الأنسب؟
عند الحاجة إلى مضاد حيوي، ينصح كينروس بالتالي: مناقشة الطبيب حول إمكانية استخدام مضاد حيوي ضيّق الطيف لاستهداف البكتيريا المحددة المسببة للعدوى، وإجراء فحص مزرعة بكتيرية قبل بدء العلاج، لتحديد نوع البكتيريا واختيار العلاج المناسب، والانتباه إلى النظام الغذائي أثناء فترة العلاج، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة، والسكريات المكررة، والكحول.
استعادة صحة الأمعاء بعد المضادات الحيوية
في مرحلة التعافي، تلعب التغذية دورًا محوريًا، إذ تساعد الأطعمة الغنية بالبريبيوتيك (الألياف التي تغذي البكتيريا النافعة) والبروبيوتيك (البكتيريا الحية المفيدة) على تسريع استعادة التوازن الميكروبي.
ومن أمثلة الأطعمة المفيدة، الزبادي الطبيعي (يُفضَّل أن يحتوي على بكتيريا حية ونشطة)، ومشروبات الكومبوتشا، واللبن الرائب المخمّر، ومخلل الملفوف والكيمتشي، وبعض أنواع الجبن الطبيعي.
كما يُنصح بالإكثار من تناول، البصل، الكراث، الثوم، الموز الناضج، التوت الغني بالبوليفينول، العنب الأحمر، القهوة، الحبوب الكاملة.
دور المكملات والفيتامينات
في بعض الحالات، لا يكون النظام الغذائي وحده كافيًا لتعويض النقص في البروبيوتيك، هنا قد يكون من المفيد استخدام مكملات غذائية متخصصة.
كذلك، يُوصى بفحص مستويات فيتامين د في الجسم، نظرًا لدوره الفعّال في تعزيز صحة الميكروبيوم.
أهمية اختبار الميكروبيوم
ينصح الأطباء بإجراء اختبار ميكروبيوم الأمعاء عند التمتع بصحة جيدة، لمعرفة الوضع الطبيعي قبل الحاجة لأي تدخل طبي.
يقول كينروس :"لو كنت أعرف حالة أمعائي قبل ثلاث سنوات، لكان بمقدوري استعادتها بسهولة بعد العلاج".
فيديو قد يعجبك: