طفرة جينية تساعد في البحث عن أدوية جديدة لمرضى السكري
كتب- حاتم صدقي
يبدو أن هناك طفرة جينية موجودة فقط في أعضاء مجتمع طائفة الأميش، في ولاية إنديانا الأمريكية، تحميهم من جوانب متعددة للشيخوخة.
من يملكون تلك الطفرة يكونوا أقل عرضة للإصابة بمرض السكري وانخفاض مستويات الأنسولين أثناء الصيام، ويكون عمر الأوعية الدموية أقل من الذين لا يمتلكون تلك الطفرة، ما يحافظ عليهم من أمراض القلب.
ويعيش الأفراد المحملين بتلك الطفرة الجينية 13٪ أطول -في المتوسط 85 عامًا مقارنة بـ 75عامًا لغير المحملين بالجين- ويبدو أن هذا الجين يؤدي لإطالة التيلوميرات، وهي تركيبات تتواجد في نهايات الصبغيات، وتمنعها من التآكل والاندماج بعضها ببعض -وهو مؤشر بيولوجي للشيخوخة.
ويمتلك شعب الأميش نسختين من هذه الطفرة الجينية يعملان عكس بعضهما تمامًا، حيث تتسبب الطفرة الأخرى بحدوث نزيف نادر.
وأشارت الدراسة التي قام بها الباحثون في جامعة نورث ويسترن الأميركية، إلى أن الطفرة الجينية تقع على جين يُسمى SERPIN1ما يخفض مستوى البروتين المثبط لمنشط البلازمينجين "بي أيه اي 1" الذي يشارك في تجلط الدم.
ويقول الدكتور دوغلاس فوغان، كبير أطباء القلب في كلية الطب في جامعة نورث وسترن: "لقد دهشتنا النتائج بسبب اتساق فوائد مكافحة الشيخوخة عبر أنظمة الجسم المتعددة، للمرة الأولى نشهد علامة جزيئية للشيخوخة (طول التيلومير)، وعلامة التمثيل الغذائي للشيخوخة (مستويات الأنسولين خلال الصيام)، وعلامة لشيخوخة القلب والأوعية الدموية (ضغط الدم وتصلب الأوعية الدموية) كلها تتابع في نفس الاتجاه في أن هؤلاء الأفراد كانوا محميين عموما من التغييرات المرتبطة بالعمر".
ويأمل فريق البحث في بدء تجارب لتثبيط بروتين"بي أيه اي 1"، وبدءوا بالفعل العمل علي دواء فموي TM5614لاختبار مدى فعاليته مع حساسية الأنسولين في الأشخاص الذين يعانون من البدانة والذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني.
ونُشرت ورقة بحث في أوائل التسعينات من القرن الماضي توضح بالتفصيل حدوث نزيف وراثي نادر جدًا بين الأميش، وأظهرت النتائج أن هذا الاضطراب كان بسبب طفرة جينية على الجين SERPINE1.وأن الأفراد الذين يحملون نسختين متماثلتين لم يستطعوا إنتاج بروتين "بي أيه اي 1" وبالتالي لم يستطع الجسم إيقاف النزيف.
واهتم الدكتور "فوغان" في البداية بآثار طفرة "بي أيه اي 1" على وظيفة القلب والأوعية الدموية، وسرعان ما وسع جهود فريقه عندما أصبح واضحًا من خلال عملهم المختبري أن النقص في هذا البروتين يرتبط أيضًا بطريقة أو بأخرى بالشيخوخة .
وبالنسبة للدراسة الحالية، أنشأ الباحثون محطات اختبار في مركز مجتمعي بالقرب من المكان الذي يعيش فيه الأميش وفحصوا 177 من طائفة الأميش .
وحددوا 43 فردا يحمل نسخة واحدة من الطفرة SERPINE1، وتمت مقارنتهم مع الـ127 الأميش المتبقية الذين لم يكن لديهم الطفرة، وتم استبعاد الأفراد السبعة الذين وُجد أنهم يحملون نسختين متماثلتين من الجين.
وكان لدى الذين يعانون من الطفرات المفردة انخفاض بنسبة 50٪ في مستويات "بي أيه اي 1" مقارنة مع الأفراد الذين لم يتأثروا بالطفرة الجينية، وكان لديهم تيولمير أطول من الكريات البيضاء وتقريبا أقل بنسبة 30٪ بخصوص مستويات الأنسولين أثناء الصيام، ويبدو أنهم محميون تمامًا من مرض السكري.
وضمن الباحثون مجموعة من القياسات الوعائية، بما في ذلك الضغط النبضي العضدي وسرعة النبض.
والدواء الذي يأمل الفريق بتجربته، TM5614، قد تمت صناعته من قبل الباحثين في اليابان، الذين سبق اختبارهم للعقار بنجاح على المتطوعين الأصحاء، وهم الآن على وشك إجراء المرحلة الثانية من التجارب لمعرفة ما إذا كان تثبيط "بي أيه اي 1" يمكن أن يساعد على زيادة أعداد خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية في المرضى الذين خضعوا للعلاج الكيميائي، كما يجري تجربة هذا العقار في شكل صيدلي موضعي لعلاج الصلع عند الذكور من قبل شركة أمريكية.
يذكر أن طائفة الآميش هي مجموعة بروتستانتية تعيش في الولايات المتحدة من دون كهرباء وتتنقل بعربات تجرها الخيول.
واختارت الطائفة أن تلتزم بحياة أسلافها الذين هاجروا إلى أميركا من جنوب ألمانيا وسويسرا والألزاس (سكانها ألمان) بشرق فرنسا في نهاية القرن الثامن عشر هرباً من الاضطهاد الديني، فانعزلوا بمحض إرادتهم عن أي اتصال مع العالم الخارجي ومحاولات دمجهم مع الثقافات والمجتمعات الأخرى، ونبذوا كل وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وما زالت أفراد هذه الطائفة يعيشون بلا كهرباء أو هواتف، ويركبون عربات تجرها الخيول، كما يحرّمون الجنس قبل الزواج، ولا يدخلون أطفالهم للمدارس.ش
فيديو قد يعجبك: