أطباء بلا حدود تدعو "فايزر - بيوتنيك" لمشاركة تكنولوجيا صناعة اللقاحات مع دول أفريقيا
دعت منظمة أطباء بلا حدود شركتي فايزر وبيونتيك إلى مشاركة تكنولوجيا اللقاحات والمعرفة على الفور مع الشركات المصنعة في القارة الأفريقية والتي يمكن أن تساعد في تعزيز إمدادات اللقاحات العالمية من خلال مركز نقل تكنولوجيا لقاح mRNA التابع لمنظمة الصحة العالمية (WHO) والذي تستضيفه جنوب إفريقيا.
منذ عام 2020، تعمل عدد من المنظمات الدولية وبينها أطباء بلا حدود على مساعدة الأنظمة الصحية في دول مختلفة حول العالم، من بينها دول في الشرق الأوسط، عبر التوعية الصحية حول كوفيد-19 وتعزيز أنشطة الوقاية من العدوى ومكافحتها وإجراء التدريبات حولها، خصوصاً في المرافق الصحية ولدى الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة.
ومن أجل دعم حملات التطعيم، عملت المنظمة التي تقدم الاستجابة الطبية في أكثر من سبعين بلدًا حول العالم على مساعدة وزارة الصحة في كل من لبنان وتونس. ففي لبنان، عملت على تطعيم السكان في مركزي تطعيم في بر إلياس وطرابلس، كما في 30 دار رعاية للمسنين زارتها فرق المنظّمة المتنقلة في أنحاء البلاد. أما في تونس، ساهمت أطباء بلا حدود في حملة للتطعيم في باجة وفي ولاية منوبة (قرب العاصمة تونس).
اللقاح حق للجميع
في نوفمبر 2021، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إيصال "اللّقاحات إلى 40 في المئة من السكان في جميع البلدان بحلول نهاية 2021 وإلى 70 في المئة بحلول منتصف 2022".
على الرغم من هذه الدعوة وتوفّر منصة كوفاكس الرامي إلى توصيل ملياري جرعة لقاح للدول الأكثر احتياجًا، إلا أن ذلك لم ينجح في تحقيق المساواة بين الجميع في حق الحصول على اللقاح، فوفقاً لحملة "الحق في الوصول إلى الدواء" - التي أطلقتها أطباء بلا حدود في عام 1999، والتي تستمر في ممارسة الضغط عالمياً سعياً لتوفير الرعاية الطبية بشكل عادلٍ- فإن تحالف اللقاحات المعروف اختصارًا بـGavi خفَّض عمليات التسليم المتوقعة لعام 2021 بنسبة 25٪ أي ما يعادل 1.4 مليار جرعة. ولكن مع اقتراب نهاية العام فإن عمليات التسليم بعيدة حتى عن هذا الهدف المخفّض، حيث شحنت كوفاكس 508 ملايين جرعة من اللقاحات فقط بحلول 17 نوفمبر 2021.
أوقفت منظمة أطباء بلا حدود حاليًا عمليات الاستجابة في بعض البلدان التي أشرفت فيها على معالجة الإصابات وتقديم اللقاحات، لأن تغطية اللّقاحات بلغت مستوى عالٍ جدًا في بعض منها على غرار فرنسا.
وبحسب مديرة العمليات في المنظمة الدكتورة إيزابيل ديفورني، فإن بعض المناطق التي تعمل بها المنظمة لا تزال تشهد موجةً تلو الأخرى من كوفيد-19، حيث ترتفع معدّلات الإصابات الخطيرة ارتفاعًا هائلاً، علمًا أنّ معدّلات التطعيم في هذه المناطق متدنّية جدًا، علاوة على ضعف الإمكانيات المحلية للتعامل مع هذا التفشي، وهو ما يمسي تحديًا في بعض أجزاء آسيا والشرق الأوسط، إذ ما زالت دول كأفغانستان والعراق واليمن متضرّرة إلى حدٍّ كبير.
أوميكرون ولقاحات ناقل الحمض النووي الريبوزي لمواجهة المتحورات
بالتزامن مع ظهور متحور "أوميكرون" تبرز الحاجة أكثر إلى أن يتوفر اللقاح في كل مكان من حول العالم ، خصوصاً وأنَّ الحد من دورة الفيروس يقلل من فرص ظهور طفرات جديدة.
ففي الدول عالية الدخل، أدى المتحور الجديد إلى التوسع في التوصية بالحصول على جرعات داعمة، أما في الدول منخفضة الدخل فقد تجددت الدعوة للحصول على أي نوع من اللقاحات لاسيما تلك التي أثبتت قدرة على مواجهة المتحورات، مثل لقاحات ناقل الحمض النووي الريبوزي mRNA.
لقاحات mRNA والقدرة على مواجهة المتحورات
توفر لقاحات ناقل الحمض النووي الريبوزي mRNA وتقنياتها بعض المزايا الخاصة حيث إن لقاحا موديرنا وفايزر بيونتيك المعتمدان على هذه التقنية أثبتا فعالية ضد المتحورات التي سبقت أوميكرون، بالإضافة إلى أن لقاحات mRNA أكثر قابلية للتكيف وإعادة الصياغة.
ففي وقت سابق من العام، طورت شركة موديرنا نسخة جديدة من لقاحها جاهزة لتخضع للاختبار ضد متحور جديد خلال 30 يومًا فقط. في المقابل، استغرقت شركات أخرى مثل "أسترازينيكا وجونسون آند جونسون" 5 شهور لإنجاز المهمة نفسها بتقنيتها التي تعتمد على ناقلات الفيروس.
علاوة على ذلك، إن تقنية mRNA واعدة بشكل كبير حيث يمكن تطويرها لاستخدامها في المستقبل ضد أمراض أخرى، مما يوفر للجهات الفاعلة في القطاعين الخاص والحكومي حافزًا طويلًا الأجل للاستثمار في هذه التقنية اليوم.
مشاركة تكنولوجيا mRNA ضرورة
أطلقت كل من فايزر بيونتيك وموديرنا إنتاج لقاح mRNA مع شركات مصنعة في سويسرا وإسبانيا وألمانيا في غضون 8 أشهر فقط، لذلك من الواضح أن الأمر نفسه يمكن أن يطبّق بسهولة مع الشركات المصنعة الأخرى في آسيا وإفريقيا ودول أمريكا اللاتينية.
تكمن الأزمة في أن السبب الوحيد لعدم إنتاج هذه اللقاحات على نطاق واسع هو أن شركتي فايزر بيونتيك وموديرنا ترفضان مشاركة تكنولوجيا لقاحات mRNA مع المصنعين بما فيهم الموجودين في مصر والمغرب وتونس وجنوب أفريقيا الذين لديهم القدرة على إنتاج كنحو 100 مليون جرعة سنويًا في إطار زمني يصل إلى 10 شهور. وتاريخيًا، تستورد قارة إفريقيا 99% من اللقاحات التي تستعملها، ما يظهر عدم استدامة ما يرد إلى القارة البالغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة.
ونشرت حملة أطباء بلا حدود للوصول إلى الدواء بالتعاون مع مشروع AccessIBSA تقريرًا يتضمن قائمة تشمل 120 مُصنعًا على الأقل لديهم الاستعداد التقني والمعايير اللازمة لصناعة لقاح mRNA عبر آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية، وتتضمن القائمة 8 شركات في إفريقيا تستورد 99% من لقاحاتها، بينها 3 شركات مصرية لديها القدرة على تصنيع هذا النوع من اللقاحات حال مشاركة فايزر بيونتك وموديرنا المعرفة والتكنولوجيا الخاصة بكيفية تصنيعهم. https://accessibsa.org/mrna/
ومع زيادة الإنتاج وتنويعه، ورفع حجم الإمدادات بلقاحات mRNA باللجوء إلى المزيد من المصنعين، ستتسنى فرصة التصدي بشكل عاجل ومستدام لعدم المساواة في الحصول على اللقاحات أثناء هذه الجائحة وفي المستقبل.
فيديو قد يعجبك: