«جمع الكراكيب».. عادة شخصية أم وساوس قهرية؟
كتب– مصطفى عريشة
الاحتفاظ بكل ما هو قديم حالة مرضية غريبة تسمى بـ«اضطراب جمع الكراكيب»، تصيب البعض ويصفها بعض الأطباء النفسيين بأنها أشبه بالوسواس القهري.
تسبب تلك العادة إزعاجًا وضيقًا للمحيطين بمن يرغبون في جمع الكراكيب، بسبب الازدحام الشديد في المنزل.
يقول الدكتور محمود أبو العزايم، استشاري الطب النفسي، إن متلازمة الاحتفاظ بالأشياء القديمة موجودة لدى كل البشر بدرجات مختلفة، وبداخل كل منا حاجة للاحتفاظ ببعض الأشياء القديمة لعلنا نحتاجها وتفيدنا في يوم ما.
يضيف «أبو العزايم» أن بعض الأشخاص يحتفظون بإيصالات الكهرباء، وبعض الأوراق والشهادات والكراسات القديمة، وهناك بعض الناس تحتفظ بالصحف والمجلات التي بها بعض المعلومات.
متى تصبح وسواسًا قهريًا؟
يؤكد استشاري الطب النفسي أن الأمر إذا زاد وتجاوز تلك المرحلة فيكون من أنواع الوسواس القهري لاكتناز الأشياء لدرجة لا يتخلى فيها الشخص عن أي شيء قديم، وتصبح بيوت البعض مكتظة بالكثير من الأشياء في كل ركن.
من الأكثر عرضة للإصابة؟
يوضح «أبو العزايم» أن الوساوس القهرية تصيب ذوي الشخصية المنضبطة وشديدة الالتزام بالقوانين والأذكياء، ولا تقترب من أصحاب الفكر المحدود، لافتًا إلى أنهم يكون لديهم بطء في اتخاذ القرار ولا يقرروا شيئًا بسهولة ويبذلون مجهودًا شديدًا للتغيير من شيء لآخر لكنهم في النهاية ينفذون أعمالهم لكنهم غير اجتماعيين.
يقول الدكتور ماهر الضبع، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، إن الإنسان يشعر بالقيمة من خلال مصادر مختلفة ودون الشعور بها لن يكون هناك ثقة بالنفس ولا إمكانيات وقدرات ولا علاقات سوية، لذا نحتاج إلى أن نستمد هذا الشعور من مصادر معينة.
في أي مرحلة عمرية؟
يضيف «الضبع» أن الطفل يستمد الشعور بقيمته من ممتلكاته، مثل الألعاب ومحتوياته الخاصة وأشيائه وملابسه، وفي مرحلة النضج يتحول الإنسان من مرحلة الشعور بالقيمة المستمد من الأشياء إلى المستمد من إنجازات ونجاحات.
استمرار شعور الشخص بالقيمة من خلال امتلاكه الأشياء يكون من أنواع عدم النضج النفسي، وخاصة إذا استمر لمرحلة الشباب، وبالتالي الأمر ليس إدمانًا قدر ما هو عدم قدرة الشخص على التخلي عن الأشياء التي يحتفظ بها وتشعره بقيمته.
يشير «الضبع» إلى أن التمسك بالأشياء القديمة جزء من الحنين للماضي، لكن المصدر الأساسي يمنح الشخص الشعور بالأمان والقيمة، كما أن صاحب تلك الحالة يعتقد أنه سيحتاج تلك الأشياء فيما بعد، ويجب أن يكون لدى الإنسان قدرة منطقية على الأشياء التي لا يحتاجها ويمكن الاستغناء عنها أو الأشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها حقًا.
يؤكد «الضبع» أن الفكرة تتلخص في احتفاظ الشخص بأشياء أكثر بكثير من احتياجاته وتمنحه مكانة، وتشكل نفس المشاعر التي كانت لديه في مرحلة عمرية سابقة، والأمر لا يتعلق بمرحلة عمرية معينة وتكون تلك الحالة مصاحبة للشخصية نفسها.
التشخيص والعلاج
يؤكد «أبو العزايم» أن تشخيص الحالة يكون من خلال ظهور اهتمام الشخص بالاحتفاظ بكل شيء، وتشعر الأسرة بمشكلة من ازدحام المنزل وعدم التخلص من الأشياء القديمة.
يشير «أبو العزايم» إلى أن المرض القهري من أنواع المرض النفسي وهو الوسواس القهري ويحتاج أحيانًا للتدخل العلاجي والدوائي، والعلاجات تنقسم إلى نوعين: الأول سلوكي والثاني بالأدوية، والعلاج السلوكي يحتاج فيه المريض للجلوس مع الأخصائي النفسي عدة جلسات ليتحدث مع ويرشده ويوجهه، وإذا فاق الأمر الحد يتم إضافة بعض الأدوية المضادة للوساوس القهرية.
فيديو قد يعجبك: