ماذا تعني «متلازمة الطفل الأوسط»؟
كتبت- أسماء أبو بكر
ينعزل بعيدًا عن والديه وربما يكِن مشاعر غيرة وحقد تجاه إخوته، فهو يشعر بأنه لا يلقى نفس الاهتمام والتقدير، ليعاني في النهاية من ما يسمى بـ«متلازمة الطفل الأوسط» التي يُصاب بها الطفل الذي له أخ/ أخت يكبره وآخر يصغره.
ما هي متلازمة الطفل الأوسط؟
تقول الدكتورة هبة الشهاوي، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس، إن الطفل الأوسط يكون عُرضة لهذه المتلازمة عندما يمنح الوالدان ابنهما الأكبر كثير من الاهتمام والتقدير، لأنه الابن الأول أو الفرحة الأولى للعائلة، والابن الأصغر يُدلل ا بدرجة كبيرة، في الوقت الذي لا يلقى فيه الطفل الأوسط نفس الاهتمام أو التدليل من والديه أو حتى الأجداد.
تضيف أستاذ الطب النفسي أن من ضمن أسباب هذه المتلازمة أن الوالدين غالبًا ما يثقان في ابنهما الأكبر أكثر من الأوسط، ما يدفعهما إلى توكيل بعض المهام أو المسئوليات له، وغالبًا ما يصطحبه الأب أو الأم عند الخروج أو الزيارات العائلية، والأصغر لا توكل له أي مهام ويتم التغاضي عن أخطائه في الغالب، في حين أن الابن الأوسط لا يحظى بنفس الثقة التي يحظى بها أخيه الأكبر، وربما يُعاقب إذا ارتكب نفس أخطاء أخيه الأصغر، ما يشعره بالاضطهاد.
يوضح الدكتور شاهين رسلان، أستاذ الصحة النفسية، أن الطفل الأكبر يكون أول خبرة إنجاب بالنسبة للأم، لذلك تمنحه مزيدًا من الاهتمام والرعاية، ودائمًا ما تحمله ولا تضعه أرضًا إلا نادرًا، وغالبًا ما يلقى اهتمامًا زائدًا من جميع أفراد العائلة وليس الأم فقط، وعندما ينمو جسديًا ولغويًا تبدأ الأم في تكليفه ببعض المهام البسيطة ويظل الطفل مرتبطًا بها.
أما الأوسط تكون الأم اكتسبت خبرة من تربيتها للأكبر، فلا تبالغ في حمله معظم الوقت، بل ربما تتركه حتى أثناء صراخه لأنها ترى أنها أخطأت في تعويد طفلها الأول على حمله طوال الوقت، وتحاول تجنب هذا الخطأ مع الثاني، وبالتالي يتكون لدى الطفل صورة ذهنية سلبية عن أمه وأنها لا تمنحه رعاية واهتمام كافٍ، وتترسخ لديه هذه الصورة بولادة الطفل الأصغر الذي يلقى رعاية أكبر منه أيضًا.
صفات إيجابية ولكن
صفات إيجابية غالبًا ما تُميز الطفل الأوسط، وفقًا لـ«الشهاوي» التي توضح أنه في الغالب يعتمد على نفسه بدرجة أكبر، ويكون لديه قدرة أكبر على تحمل المسئولية، لكن في المقابل تتوتر علاقته بوالديه أو بالأم خاصة، فلا ينصاع لطلباتهما ولا يتقرب منهما، بل يكون أكثر قربًا من أصدقائه أو أي شخص آخر يمنحه بعض الاهتمام، ويكون منطوي ومنعزل داخل الأسرة، ويكِن مشاعر الغيرة تجاه إخوته.
يضيف «رسلان» أن الطفل الأوسط الذي يعاني من الإهمال أو لا يلقى نفس القدر من الاهتمام والتدليل الذي يمنحه أبويه للابن الأكبر والأصغر، ينفصل عاطفيًا عن أسرته ويكون عنيدًا لدرجة كبيرة، ودائمًا ما يقابل أي طلب من الأم بكلمة «لا» حتى إن كان في صالحه، بل يصل الأمر إلى أنه يشعر بسعادة وفرح داخلي في حالة نشوب مشاجرة بين والديه، لأنه يرى أن ذلك بمثابة تعويض عن إهمال الأم له، وربما يصبح طفلًا عدوانيًا تجاه أسرته.
يتابع «رسلان» أنه إذا لم يتم تحسين الصورة الذهنية السلبية المُرسَّخة لدى الطفل الأوسط، فإن كل ذلك ينعكس على شخصيته في الكبر، فيكون لديه جمود فكري ولا يتقبل الرأي الأخر ويتعصب لرأيه فقط، بل ربما يظهر عنفًا جسديًا أو لفظيًا تجاه من يخالفه الرأي، لذلك في الغالب حياته الزوجية والأسرية مستقبلًا تكون غير مستقرة ومهددة بالانهيار.
العلاج أسري ونفسي
متلازمة الطفل الأوسط علاجها داخل الأسرة، ولكي يتخلص الطفل من كل المشاعر السلبية ويكون متزنًا نفسيًا، لابد أن يمنحه الوالدان نفس القدر من الاهتمام والثقة التي تُمنح للأكبر، كأن توكل له بعض المهام والمسئوليات التي تزيد من ثقته في نفسه وتشعره بثقة الآخرين فيه، مع مراعاة عدم المبالغة في رعاية وتدليل الطفل الأصغر حتى لا تُثار مشاعر الغيرة بداخله، هذا ما توصي به «الشهاوي».
وإذا تمكنت المشاعر السلبية من الطفل الأوسط وتحولت إلى سلوك عدواني تجاه أسرته، ولم يتمكن والداه من التعامل معه أو احتوائه بشتى الطرق، ففي هذه الحالة لابد من اللجوء لمعالج نفسي، لتعديل سلوك الطفل وإرشاد والديه للطرق التربوية الصحيحة التي تمكنهما من استعادته مرة أخرى.
فيديو قد يعجبك: